إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
shape
تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
113057 مشاهدة print word pdf
line-top
الاستغاثة

...............................................................................


الاستغاثة عبادة -أيضا- لا يجوز أن يستغاث بغير الله.
والاستغاثة: هي الدعاء من المكروب. إذا وقع في كرب وشدة ثم دعا الله ففي تلك الحال يسمى دعاؤه استغاثة، قال الله تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ وكان ذلك في غزوة بدر لما جاء المشركون بحدهم وحديدهم وقوتهم وأعداد كثيرة مثلُ المؤمنين ثلاث مرات، ومعهم العدة، ومعهم الأسلحة القوية، فعند ذلك وقع المسلمون في كرب، فدعوا الله -تعالى- دعاؤهم في تلك الحالة يسمى دعاء استغاثة؛ لأنه دعاء مكروب.
وقد ورد -أيضا- في حديث: أنه كان منافق يؤذي المؤمنين، فقال بعضهم: قوموا بنا نستغيث برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من هذا المنافق. فقال -صلى الله عليه وسلم- إنه لا يستغاث بي؛ وإنما يستغاث بالله رد الأمر إلى أهله -أي- الاستغاثة الحقيقية بالله؛ فاستغيثوا به فهو الذي يغيثكم -يعني- يزيل الشدة، ويفرج الكرب، ويزيل الهم الذي وقعتم فيه، فلا تخافوا إلا الله وحده، وادعوه وحده.
ثم قد تجوز الاستغاثة بالمخلوق إذا كان حيا قادرا على أن يغيث من استغاث به، والدليل قوله تعالى: في قصة موسى في سورة القصص: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ استغاثه -يعني- أنه طلبه أن يغيثه لما وقع في كرب وشدة، فطلب منه وقال: أغثني يا موسى . فالاستغاثة بمعنى: أن يستعين به لينصره على من غلبه. فمثل هذا لا حرج فيه إذا كان قادرا، وأما قوله : إنه لا يستغاث بي فأراد أن يرد الأمر إلى عالمه، إلى من هو أهله وهو الله -تعالى- وأن لا يستعمل مثل هذه الكلمة؛ ولو كانت جائزة.
وبكل حال.. فإن الاستغاثة عبادة، كما أن الاستعانة عبادة؛ لقوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ فهي من جملة العبادات؛ ولقول النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله أي: استعن بالله وحده. وهكذا جميع أنوع العبادة كلها لله -تعالى-؛ فلا يصرف منها شيء لغير الله، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل؛ فضلا عن غيرهما.
فالحاصل.. أن المشركين الذين كانوا في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- كانوا يصرفون مثل هذه الأشياء لغير الله، فكفّرهم. ثم إن مشركي زماننا كذلك أيضا يدعون الأموات ويرجونهم ويستغيثون بهم ويستعينون بهم ويهتفون بأسمائهم ويتبركون بهم ويتمسحون بترابهم، فصاروا مشركين، وصاروا مماثلين للمشركين الأولين الذين وقعوا في هذا الشرك، فحلت في ذلك دماء الأولين وتحل في ذلك دماء الآخرين المصرين على هذا الشرك، إذا دُعُوا وبين لهم فأصروا واستكبروا.
بقية هذا البحث نكمله يوم السبت وما بعده -إن شاء الله-.

line-bottom